جمال الخطيب ، رئيس مركز البديل للدراسات والأبحاث
غدا الأحد يتوجه حوالي 56 مليون ناخب الى صناديق الاقتراع لانتخاب نواب البرلمان ورئيس جديد. وهذه الانتخابات المزدوجة (التشريعية والرئاسية ) في تركيا تشهد تنافسا غيرَ مسبوق بين الأحزاب السياسية، ويخوضها سبعة مرشحين اللرئاسة . في ثلاثة تحالفات رئيسية :
- “تحالف الشعب” الذي يضم حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية
- “تحالف الأمة” المعارض المكون من حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد وحزب السعادة .
- “تحالف يقوده حزب الشعوب الديمقراطي”.
ويتنافس في الانتخابات الرئاسية كل من الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ومنافسة الأبرز رئيس حزب الشعب الجمهوري محرم إنجيه، وزعيمة حزب الخير المعارض ميرال أكشينار، والسياسي الكردي صلاح الدين ديمرطاش، بالإضافة إلى زعيم حزب السعادة، تيميل كرم الله أوغلو، ودوغو بارينتشاك زعيم حزب الوطن.
استطلاعات الرأي تظهر أن ما نسبتة 51-52% من الأصوات سيحصل عليها اردوغان في الجولة الأولى للانتخابات.
والواقع أنه في حال لم تحسم الانتخابات في جولتها الأولى فإن أردوغان سيفوز على منافسه الأبرز إنجية بنسبة 60% من الأصوات، لافتا إلى أنه في حال تقدم الرئيس الحالي فإن حزب الشعب الجمهوري سيسحب ترشيح إنجيه، وسيبقى في المنافسة أكشينار الذي يحتل المركز الثالث بعدد المؤيدين.ولدى أكشينار فرص أكبر بالمقارنة مع إنجيه، لأن الناخبين اليمينيين والقوميين لن يمنحوا إنجيه أصواتهم، ولذلك مشاركة أكشينار في الجولة الثانية ستقلل إلى حد ما من فرص أردوغان بالفوز.
في حين يرى مراقبون أن أردوغان، الذي يتولى السلطة منذ 15 عاما في تركيا، يواجه أكبر تحد في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المرتقبة يوم غد، إذ يواجه معارضة مصممة على إزاحته حيث يعاني الاقتصاد من صعوبات متزايدة.
وهذه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تقام في يوم واحد بموجب تعديلات دستورية سعى إليها أردوغان، ستمنحه سلطات معززة وستلغي منصب رئيس الوزراء.
لكن ما يشد الانتباه أكثر في هذه الانتخابات هو التنافس الحاد بين المرشح الرئيس المنتهية ولايته اردوغان و محرّم إينجة مرشحِ أكبر أحزاب المعارضة أي حزبِ الشعب الجمهوري .
وتظهر الاختلافات جلية وهي كبيرة بين المرشحيْن الرئاسيين البارزين في ما يتعلق بالشأن الداخلي و السياسة الخارجية من خلال مضمون خطابات الحملة الانتخابية وبرامج الأحزاب الانتخابية.
وتكتسي هذه الانتخابات أهمية تاريخية بالنسبة إلى لتركيا لأن من شأنها أن تأسس نظاما سياسيا جديدا بالانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي مما يجعل تركيا أقوى وأكثر استقرارا حسب ما تعهد به الرئيس التركي. لكن المعارضة ترى أن هذا النظام سيُكرس صلاحيات كثيرة في يد شخص واحد وقد يُضعف دور البرلمان .
والجدير بالذكر أن اردغان شدد خلال الحملة الانتخابية على مكافحة الفساد والفقر ووضع تدابير جديدة في ما يخص التضخم و رفعِ مستوى نوعية قطاع التعليم وجودته، كما أكد على مواصلة المطالبة بالديمقراطية والعدالة من أجل الإنسانية جمعاء، ومواصلة الحرب في مواجهة الإرهاب ، كما تعهد باستمرار تركيا في دعم ضمان أمن دول المنطقة واستقرارها، وأشار الى أهمية الانتقال إلى النظام الرئاسي، لتصبح تركيا ضمن أكبر 10 قوى اقتصادية على مستوى العالم وأنه سيحقق قفزة في البلاد من خلال تخليصها من البيروقراطية، ولهذا فتغيير نظام الحكم (من برلماني إلى رئاسي) ضروري”. وبالتالي ستكون الانتخابات إيذانا بالتحول إلى نظام رئاسي أُقر في استفتاء شعبي أجري العام الماضي.
في المقابل تعهد منافس أردوغان، محرم اينجه بتحسين الوضع الاقتصادي، ورفع حالة الطوارئ، ووضع الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ضمن أولوياته. كما تعهد اينجه بترك ما أسماها “السياسات الخاطئة والفاشلة ما بعد الربيع العربي”، ويدعو إلى إنشاء منظمة إقليمية سيسميها “منظمة الشرق الأوسط للسلام والتعاون”.استطلاعات الرأي تظهر أن هناك 3 نتائج محتملة للانتخابات:
- فوز الرئيس أردوغان مع حصول تحالف الشعب على الغالبية في البرلمان
- فوز أردوغان مع عدم تحقيق تحالف الشعب الغالبية في البرلمان
- خسارة أردوغان في الانتخابات وعدم تحقيق تحالفه الغالبية في البرلمان.
إلا أن الاحتمال الأول هو السيناريو الأوفر حظا من بين الاحتمالات، وأن تحقق السيناريو الأول يعني الحد من التوتر السياسي والاستقرار الاقتصادي في تركيا.
وبما يخص أزمات المنطقة وبالأخص الأزمة السورية، الملفت للنظر أن زعيم المعارضة التركية قليجدار أوغلو أعلن أكثر من مرة رأيه بخصوص اللاجئين السوريين حيث قال “نعم كانت هناك حرب، واشتباكات في سوريا، وشاركناهم طعامنا، لكن عليهم أن يعودوا الآن لبلدهم، ولا أراى منحهم الجنسيات أمرًا صائبًا”، وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع اليوم العالمي للاجئين، الذي يصادف الـ20 من شهر يونيو/حزيران من كل عام.
فيما أعلن أردوغان أن بلاده تعمل جاهدة لتوفير الأمن والاستقرار في سوريا، من أجل خلق بيئة مناسبة لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم. وأنّ إستقرار سوريا مرتبط بقوة تركيا، وحذّر من تمزيق سوريا وتأسيس دولة إرهابية على حدود تركيا.وأشار أن المزيد من السوريين سيعودون إلى بلادهم عند الانتهاء من تطهير “عفرين” (شمال)، والانتقال إلى المراحل الأخرى للاتفاقية (خارطة طريق منبج) التي توصلت إليها بلاده مع الولايات المتحدة بشأن المدينة الواقعة شمالي سوريا.
نافل القول أن منافسي أردوغان يرون أن الانتخابات التي كان من المفترض انعقادها في عام 2019 تم تقديم موعدها 18 شهرًا كاملًا، مما يعكس إحساس أردوغان بالضعف والتمسك في السلطة. فالأحداث الأخيرة وأهمها خسارة حزبه “العدالة والتنمية” في الانتخابات البرلمانية عام 2015، ثم الانقلاب الفاشل في 2016 واتهامات الفساد التي طالته تبرر تقديم الموعد، إضافة الى انخفاض قيمة الليرة، وانخفاض التأييد في المناطق الحضرية والطبقة المتوسطة والشباب، فإن أردوغان يأمل في تأمين فترة رئاسية أخرى قبل أن تسوء الظروف أكثر من ذلك وبالتالي تضعف شعبيته أكثر…… فوز أردغان يبقى في ظل المعادلات الداخلية والخارجية مؤكدا.؟؟؟