جمال شاكر الخطيب
خلفية تاريخية
يعتبر الدستور التركي في العهد العثماني “قانون أساس” أول دستور عثماني في عهد السلطان عبد الحميد الثاني ونص على إنشاء مجلسين للنواب والشيوخ ، وكان النظام العثماني يقوم على أساس السلطنة، وكانت صلاحيات السلطان العثماني مطلقة ولكنها في الوقت نفسه منضبطة بأحكام الإسلام بشكل عام إذ إن الدولة يوم ذاك كانت تستمد شرعية وجودها وقوة سلطانها على الشعوب التي تحكمها من دين الإسلام. وفي بعض مراحل ضعف السلطنة وأمام تعاظم الدور الأوروبي السياسي والحضاري انطلقت محاولات للتحديث وبقي هاجس الإصلاح السياسي والقانوني ولا سيما الدستوري منها ملازماً للدولة العثمانية، ولعل محاولة وزير خارجية الدولة العثمانية رشيد باشا في عام 1839 إدخال أحكام دستورية في نظام الدولة في عهد السلطان عبد المجيد الأول (1839-1861) هي أول محاولة جادة في هذا الاتجاه، ولكن لم تلق طريقها للنجاح.
وبعد سقوط الخلافة العثمانية اختارت تركيا دستوراً مدنيا مستوحى من الدستور السويسري بدلاً من الدستور العثماني في نوفمبر/ تشرين الثاني 1922، وبعد إعلان الجمهورية في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 1923 وانتخاب مصطفى كمال أتاتورك رئيساً لهذه الجمهورية الناشئة وإعلان إلغاء نظام الخلافة وفصل الدين عن الدولة في 3 مارس/آذار 1924 بدأ تحول جذري في الحياة السياسية التركية وفي الدستور التركي لتأخذ تركيا العلمانية موقعها الجديد في العالم.
البرلمان والدستور
إن كل التعديلات الدستورية التي تلت قيام الجمهورية التركية كانت تهدف إلى الانعتاق من مؤثرات المرحلة العثمانية وتكريس النظام العلماني، وذلك ابتداء من دستور 1924 الذي كرس حكم الحزب الواحد لمدة عقدين من الزمن حكم فيها حزب أتاتورك “حزب الشعب الجمهوري” إلى أن تأسس الحزب الديمقراطي الذي حكم مرات متتالية، ثم انتهى أمره بانقلاب عسكري في 27 مايو/أيار 1961.