جمال الخطيب،
باحث رئيس مركز البديل للدراسات والأبحاث
أهميتها:
لاشك أن تبلور الطبقة الوسطى في البلاد لها انعكاسات ايجابية وسلبية ، ومن الإيجابيات أنها الأكثر ضمانا للأستقرار الإقتصادي والإجتماعي والسياسي والأكثر تطلعا للتنمية المحلية وهي معيار نمو وتقدم المجتمعات .
لكن هذه الطبقة لها اشكالاتها كونها اكثر إلحاحا على رؤيتها بما في ذلك التغيير المدني والسياسي ، وهي تملك نفوذا اوسع من التي فوقها رغم ان الكثيرين يخطئون قراءة اهمية الطبقة الوسطى في شأن التغيير السياسي .
والطبقة الوسطى التي تتشكل من مهندسين وأطباء ومحاميين ومثقفين ومعلمين وسواهم يشكلون في غاليتهم عدديا تجمع هائل و يؤثرون في مناحي الحياة المختلفة فهم لذلك عامل استقرار للنظام في أي بلد ومن شأن احتجاجهم ان يخلخل المجتمع .
الطبقة الوسطى والتوازن الاجتماعي
كما وصفنا مكونات الطبقة الوسطى إضافة إلى أن جذورها من البيروقراطية ومن الأسر الميسورة وأصحاب المصالح من رأسماليين صغار وصناع يضاف لهم قادة الجيش وكبار الضباط ورؤساء العشائر ، فهم بالتالي نسيج غير متجانس مختلط ومختلف الأفكار والرؤى والثقافة والبني .
فالطبقة الوسطى كانت في المجتمعات العربية وليدة تيارات قومية وثقافية واقتصادية وإقطاعية وعسكرية وعشائرية وفئات الانتلجنسيا .
وبنفس الوقت منقسمة بين تيارات علمانية وقومية أو ديمقراطية وتيارات ذات مشارب إسلامية تعيش حالة صداع وافتقار دائم .
الإضرار التي تلحق في غياب الطبقة الوسطى
وان من شأن ذلك ان يحول دون نشوء قوة سياسية وسطى تعيد التوازن للحياة السياسية والاجتماعية ، ولاشك أن عجز الدولة في إطلاق برنامج أصلاح حقيقي يعيد الحياة والعافية للطبقة الوسطى وللفقراء مع استمرار المحسوبية والفساد سيؤدي إلى عجز المجتمع المدني وعدم توليه قوة سياسية منظمة وعجز المجتمع عن إنتاج الأداة التي تمكنه والأغلبية من تشكيل جماعات الضغط .
مسؤولية الطبقة الوسطى :
لقد عجزت الطبقة الوسطى في المجتمع الأردني عن تشكيل قوة سياسية فاعلة وقادرة على أن تحولها إلى شريك في صنع المصير الوطني الاجتماعي وفتح أفاق التحول الوطني الديمقراطي ، ولم تنجح في توليد قوة تتبنى خط الإصلاح في مواجهة القوى المناهضة له ، والطبقة الوسطى هي التربة الحية والحقل الرئيسي لإنتاج القيم والأفكار .
كما أن الطبقة الوسطى في الأردن هي أكثر الطبقات نقصا في التجانس والانسجام الفكري والثقافي والسياسي فهي مشروخة بين شرائح بعضها من أصول مدنية وبعضها من أصول ريفية وبعضها من شرائح عشائرية متمسكة في ثقافتها الفئوية
نشأة الطبقة الوسطى تاريخيا :
أن مفهوم الطبقة في العلم الماركسي جاء بأنه يعني أن الطبقة تتألف من مجموعة في المجتمع تكون متشابه الارتباط بالإنتاج الاجتماعي وهذا يعني أن هذه المجموعة تحصل على حقها في الإنتاج الاجتماعي بنفس الطريقة وعلى هذا الأساس يتكون مجتمع العبيد من طبقتين طبقة العبيد وطبقة أسياد العبيد وهناك بين هاتين الطبقتين عناصر أخرى تربط في معيشتها بما تحصل عليه من طبقة أسياد العبيد دون أن يكونوا عبيدا ، وفي خضم المجتمع العبودية نشأت الطبقة الإقطاعية التي تحولت بعد ثورات العبيد على الطبقة السائدة في المجتمع وهو ما يطلق عليه مجازا الطبقة الوسطى ، وفي المجتمع الإقطاعي ظهرت طبقة الإقطاع الحاكمة وطبقة الفلاحين الاقنان ، وبينهما نشأت الطبقة البرجوازية وقد سميت بالطبقة الوسطى لان أغلبهم من عائلات ارستقراطية .