جمال الخطيب ، باحث ، رئيس مركز البديل للدراسات
- الكمبرادور العربي لم يفعل شيء
- مواجهة “البعبع الإيراني” مقابل التطبيع درب في الخيال
- الشعب العربي .. فلسطين في وجدانه
- الشعب الفلسطيني وقواه لم تتعاطى مع الصفقة ونضاله متواصل
- فقدان الثقة بالإدارة الأمريكية وسياساتها تجاه قضايا الشرق الأوسط
- § كوشنير مؤخرا في جولته أدرك الحقيقة
كثير من المتابعين والمتخصصين بالشأن الفلسطيني يرون أن صفقة القرن لم تعد قابلة للتطبيق ،لا بل يرون أنها مقاصة تجارية حققت جزء من أهدافها من خلال الحصول على أموال خليجية باهظة ومحاولة “شفط “الدولار من الأسواق العالمية لا سيما أسواق ما كان يعرف ب “النمور الآسيوية “وعلى رأسها الصين ، كما أنها جاءت في سياق استغلال الظرف الموضوعي والإقليمي ومواجهة “البعبع الإيراني” ، وبالتالي التطبيع مع دولة الكيان على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية في كامل التراب الوطني الفلسطيني ، وبالتالي التماهي مع مطالب بعض الدول العربية لا سيما الخليجية في سحب إتفاق (5+2)،ولكن مقايضة المواجهة مع إيران مقابل التطبيع وإيجاد بديل للتفاوض باء بالفشل ، وتعجز أو لم تجرؤ بعض الدول التي تحاول تمرير الصفقة ، لأن هناك عوامل لم تساعدها في تحقيق الهدف وأبرز هذه العوامل :
على الصعيد العربي والإقليمي : الوضع الاقتصادي المتردي في معظم الدول العربية حيث تنامي مستوى البطالة والفقر وارتفاع أسعارا لخدمات الضرورية للمواطن ، وتراجع الحريات العامة ، والسياسة الأمريكية المنحازة الى إسرائيل بغير حق وبشكل لم يعهده العالم من قبل – نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل – والصمت تجاه ما يجري من انتهاكات فظيعة باليمن ،وعبث أطراف عدة في ليبيا وتمزيقها ، وسياسات دول التحالف تجاه ما جرى ويجري في سوريا والعراق من خلال الغطاء للتنظيمات الإرهابية التي ساهمت في تدمير مقدرات الأمة العربية وثرواتها. كما أن الشعوب العربية من المحيط الى الخليج هي الظهير للشعب الفلسطيني وأن فلسطين هي القضية المركزية والمحورية لهم – ولا نسمع بعض الأصوات والأبواق التي تشذ عن هذه القاعدة .
أما على الصعيد الفلسطيني : ففي الوقت الذي تتهم السلطة الفلسطينية حركة حماس بأنها تخطو باتجاه التعاطي مع صفقة القرن بحجة الأزمة الاقتصادية وفصل الضفة عن القطاع وإجراء مفاوضات جانبية مع الطرف المصري متخذة من مسيرات العودة تكتيكا ، بالمقابل تتهم حماس السلطة الفلسطينية بأنها تمرر صفقة القرن من خلال الحصار المالي والاقتصادي ووضع شروط غير قالبة للتحقق ذريعة لعدم استعداد السلطة لتشكيل حكومة وحدة وطنية .
ما سلف يعني أن كلتا الطرفين السلطة وحماس لم توافق على صفقة القرن وليس بمقدور أحدهما التعاطي مع الصفقة ليس لأنها مجحفة بحق الشعب الفلسطيني فحسب ، بل لأنها إنهاء للقضية برمتها ، وأن لا أحد عبر التاريخ العربي والفلسطيني كان قادرا على اتخاذ هكذا موقف .لاشك أنه لن يغيب عن الأذهان كفاح الشعب الفلسطيني ونضاله المتواصل عبر التاريخ وقدرته على إحباط أي مخطط يستهدف قضيته وينال منها .
إن المطلوب أمام ذلك دعوة الفصائل الوطنية الفلسطينية إلى تحقيق الوحدة الفلسطينية ،خاصة حركتي حماس وفتح ، والترفع عن الحسابات الشخصية والاستئثار بالقرار الفلسطيني لان المرحلة حرجة ، والتاريخ لن يرحم ، ورغم أننا ندرك التأثير والضغط الدولي والإقليمي والعربي الذي لا يريد لهذه الوحدة أن تتحقق – الكمبرادور العربي ودول التبعية التي تراهن على امتيازاتها هي وشريحة المتنفذين والفاسدين .
وبكل الأحوال لقد أدركت جميع الأطراف ذات العلاقة رغم العقبات أن صفقة القرن لم تعد صالحة ، فلا الدول العربية ( حصان طروادة) استطاعت أن تمرر شيئا ، ولا الطرف الفلسطيني تعامل معها ولا الشعوب العربية روّضت رغم التجويع والفقر ، وهذا ما اكتشفه كوشنير في جولته الأخيرة بالمنطقة .