حسين أبو رمّان – باحث، ومحرر في مجلة السّجل
جاء تشكيل حكومة السيد سمير الرفاعي ليعطي الأردن فرصة مهمة لتدقيق مشروع اللامركزية الذي أعدت لجنة وزارية في عهد حكومة المهندس نادر الذهبي مسوّدته، ورفعته إلى مجلس الوزراء مطلع شهر كانون الأول 2009.
فكثيراً من المواد التي تضمنتها مسوّدة المشروع، تنطوي على مثالب تعكس عدم انسجام هذا المشروع مع متطلبات الإصلاح السياسي، ما يؤكد أهمية التريث قبل إحالته إلى مجلس الأمة، لإجراء مراجعة شاملة له تنقله من مجرد تصور إداري لتشكيل مجالس تنموية للمحافظات إلى مشروع يشكل جزءاً لا يتجزأ من الإصلاح السياسي المنشود.
وفي كل الأحوال، فإن رئيس الوزراء السيد سمير الرفاعي، قام بتشكيل لجنة وزارية برئاسته لدراسة المشروع من جديد. وتضم اللجنة تسعة وزراء بصفاتهم الوظيفية هم: رجائي المعشر، نايف القاضي، محمد أبو حمور، أيمن عودة، موسى المعايطة، علي الغزاوي، نبيل الشريف، توفيق كريشان، وعماد فاخوري.
وبرغم أن هذه اللجنة الوزارية لم تعلن عن نيتها إجراء تعديلات جوهرية على مسوّدة المشروع، إلا أن هناك تريثاً في لإقرار هذا المشروع بصيغته النهائية. ولعل من المسائل التي تحتل الأولوية في اهتمامات اللجنة بحث الأنظمة التي يتعين إصدارها لاحقاً فور إقرار القانون، وفي مقدمتها بطبيعة الحال نظام تقسيم المحافظات إلى دوائر انتخابية.
فضلاً عن ذلك، فقد صرّح رئيس الوزراء السيد سمير الرفاعي مطلع شباط 2010 أن “هناك وجهات نظر مختلفة حول مشروع قانون اللامركزية”، مشدداً على أنه ليس لدى الحكومة مشكلة في تطبيقه، “باستثناء موضوع بناء القدرات وتأهيلها في المحافظات”، لتمكين المواطنين من تحديد أولوياتهم المستقبلية في مجال التنمية والتطوير.
ونتوقف الآن أمام عدد من مواد مسّودة المشروع لتبيان ثغراتها، واقتراح ما نراه أكثر ملاءمة لتطور الحكم المحلي في المملكة. فقد رسمت مسوّدة مشروع قانون اللامركزية، ملامح المجلس المحلي، على صعيد المحافظة، وتشكيله على نحو يستثير الملاحظات التالية:
1- تماثل عدد أعضاء المجلس المحلية:
حدد مشروع اللامركزية عدد أعضاء المجلس المحلي لكل واحدة من المحافظات الاثنتي عشر من 30 عضواً.
إننا لا نرى هناك أي حكمة في أن يتم تكوين المجالس المحلية من العدد نفسه من الأعضاء، وذلك بسبب التفاوت الكبير في بين عدد سكان المحافظات في المملكة. فارتفاع عضوية هذه المجالس سيشكل مدخلاً لهدر الموارد دونما مبرر، ولذلك فالحل الواقعي هو أن يكون هناك ثلاثة مستويات من التمثيل؛ كأن يكون مثلاً عدد أعضاء المجالس المحلية في المحافظات قليلة السكان، 17 عضواً؛ وفي المحافظات متوسطة الحجم بعدد سكانها، 21 عضواً؛ وفي المحافظات كبيرة الحجم بعدد سكانها، 27 عضواً.
2- عدم شمولية الانتخاب لأعضاء المجلس:
يتألف المجلس المحلي بحسب مسودة المشروع من ثلاثين عضواً يجري انتخاب عشرين عضواً منهم انتخاباً سرياً مباشراً، فيما يختار مجلس الوزراء عشرة أعضاء آخرين بناء على تنسيب الوزير مستنداً الى توصية من المحافظ وذلك من ذوي الخبرة في كل محافظة. وهذا يتعارض مع البند الرابع من “منطلقات العمل” التي حدّدها المشروع نفسه، والتي نصت على “تمكين المواطن الاردني من انتخاب ممثليه في المجالس المحلية للمحافظات والبلديات تجسيداً لمفهوم توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار وتحقيق الإدارة اللامركزية.
كذلك فإن هذا يعني أن ثلث عضوية المجالس المحلية ستتم بالتعيين، ما ينتقص من شمولية التمثيل، ويعطي الإدارة الحكومية فرصة التدخل للالتفاف على إرادة الناخبين. وبرغم أن النص يوحي بحسن النوايا حين يتحدث عن ذوي الخبرة، لكن هذا ليس مبرراً للأخذ به. فالخبرة مطلوبة لكل هيئة ومؤسسة، ومع ذلك لا يتم اللجوء إلى التعيين. ناهيك عن أن المسوّدة اعتمدت الحصول على الدرجة الجامعية الأولى كشرط للترشح لعضوية المجالس المحلية.