جمال الخطيب
،باحث رئيس مركز البديل للدراسات والأبحاث
إن تطوير عملية الإصلاح وإنجاز قانون أحزاب ديمقراطي عصري يؤسس لحكومات برلمانية ، من شأنه أن يعزز الحرية وقيم الديمقراطية داخل الأحزاب ، و تشجيع المشاركة الشعبية بها، وأهمية الإرتقاء بدورها في صنع القرار و تعزيز فهم العمل الديمقراطي والحكم الرشيد.
إن دمقرطة الحياة الداخلية في الأحزاب وتفعيل دورها في المجال العام وتطوير التشريعات ذات الصلة قضية مهمة على طريق الاصلاح ، و لا يمكن ان يتم ذلك بمعزل عن قانون أحزاب سياسية عصري يأخذ بعين الاعتبار أهمية تداول السلطة ودعم الحياة الحزبية وحث المواطنين على الانتماء الى العمل الحزبي.
على الرغم من عودة الحياة الديمقراطية عام 1989، والغاء الاحكام العرفية ، وإقرار قانون الأحزاب لعام 1992، والسماح للاحزاب بالعمل العلني ، يلاحظ ان هناك هزال للدور الحزبي ، وبالتالي جمود في عملية التحول الديمقراطي والاصلاح السياسي ، رغم استحداث وزارة للتنمية السياسية ، واستمرار كتب التكليف الملكية بالحديث عن أهمية التنمية الاقتصادية و السياسية ، ويتبدى الجمود والمراوحة في استمرار مظاهر ازمة العمل الحزبي ، والتي اشتدت وتعمقت اكثر من السابق بسبب التعديلات المقيدة والمتشددة في بعض المواد والفضفاضة والعائمة في مواد أخرى ، وبعدم التاكيد على ان أممية الأحزاب الرئيسية تتمثل بسعيه للوصول للسلطة عن طريق التداول السلمي وعبر الانتخابات البرلمانية . وبعدم اعطاء الاحزاب الحرية الكاملة للتعبير عن برامجها والتقدم للانتخابات النيابية وفقا للقائمة الحزبية ، وان يتشكل البرلمان من قوائم او ائتلافات تكون هي المهيئة لتشكيل الحكومات .
لقد أظهرت العديد من الفعاليات التي جرت خلال العقديين الماضيين من انتخابات نيابية وبلدية الوزن الفعلي للاحزاب سواءالجديدة أوحديثة الترخيص والتكوين ، او تلك الاحزاب التي كانت بمثابة استمرار لفترة ما قبل عودة الحياة البرلمانية للبلاد ، وانها لا زالت تعيش حالة من الضعف وانحسار لقاعدتها الشعبية ، واستمرار استنادها الى النخب السياسية والاجتماعية ” التاريخية ” وعلى العشيرة والعائلة.
كما تتجلى حالة المراوحة بضعف الدور الذي يقوم به البرلمان في المجالين التشريعي والرقابي تحديدا ، فنتيجة لقا نون الاحزاب والذي لا يجعل من الاحزاب ليس اكثر من نادي او جمعية ، ونتيجة لقانون الانتخابات المبني على أساس طرد الاحزاب وعدم السماح لها بالترشح على أساس حزبي ، والاخذ بالترشح على الأساس الشخصي والفردي ، فان البرلمان يتشكل بالنهاية ليس على أساس البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، بل يتشكل من مجموعة أفراد لا تربطهم مصالح مشتركة وأهداف واضحة في التنمية الديمقرطية والسياسية ، وهو ما دفع الى حل عدد من مجالس النواب قبل نهاية مدته الدستورية .
ان من الضرورة بمكان أن يتضمن أي قانون للأحزاب المسائل التالية :
- ان تمويل الدولة للأحزاب ضرورة، يجب ان تخضع لمعايير تشجع الانصهار الوطني في الاحزاب
- حق العضو الانسحاب من الحزب بنفس الطريقة التي التحق بها في الحزب ، وأن تعتبر عضويته ساقطة بعد عام إذا لم يحضر الاجتماعات بدون عذر أو لم يدفع اشتراكه وفقا للأنظمة الداخلية المعتمدة لدى الوزارات ذات الشأن ، وهنا يمكن التدقيق والمتابعة للأحزاب التي جمعت عضوية مترهلة غير فاعلة الهدف منه هو الحصول على التمويل الحكومي ،
- التأكيد على أن ارتباط الأحزاب بوزارة التنمية السياسية
- ان يفصل القضاء في المنازعات الداخلية للاحزاب .
- وجوب توفير الحرية للعمل الحزبي وتشجيع الطلاب في الجامعات وخارجها على العمل السياسي
- اهمية فتح منابر اعلام الدولة للاحزاب و فتح مرافق الدولة والجمعيات والنقابات للانشطة الحزبية وان يكون دور الحكومة دوراً راعياً للاحزاب وان من حق الحزب حفظ وثائقه.
- اهمية تطوير الحياة الديمقراطية والمؤسسية داخل الاحزاب وتطوير آليات العمل الحزبي
- التخلص من دور الشخصية الكارزمية في الحزب وتجنب الادارة المركزية والسعي في اطلاق الحريات وتعدد الرأي داخل الاحزاب.
- اهمية الدعم الحكومي للاحزاب واعتماد اسس ومعايير مناسبة، واعفاء اموال التبرعات المقدمة من الاحزاب من الضريبة، وعدم تقييد المتبرعين بمبلغ معين ورفع سقف التبرعات .