جمال الخطيب
مركز البديل للدراسات
مقدمة
شهد المجتمع الأردني خلال العقود الماضية تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية هامة، كان أبرزها تنامي مشاركة المرأة في الحياة العامة، أما على الصعيد السياسي فان مشاركة المرأة ما زالت محدودة رغم التحول الديمقراطي الذي أنعش الحياة النيابية والسياسية في الأردن، وبالتالي تقتضي دراسة الأوضاع السياسية للمرأة الأردنية مناقشة عدد من المفاهيم مثل المساواة، والتجانس في مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية للرجل والمرأة، فالتجانس يعني أن الرجل والمرأة لهما الدور والمركز الاجتماعي نفسهما، في حين أن عدم المساواة تعني استحواذ الرجل على مصادر القوة المهمة في المجتمع، سواء كانت اقتصادية (الملكية)، أو سياسية (القوة)، وهذا ما يقودنا إلى مفهوم “الجندر” الذي يشير إلى الأدوار والتوقعات التي يعنيها المجتمع للمرأة والرجل كل حسب جنسه، فرغم أن ظواهر ومظاهر هيمنة الرجل على المرأة ذات صبغة عالمية، إلا أن هذا لا يعني أن الأدوار الجندرية هي نفسها في كل مجتمع، ففي كل حالة يكون المعنى الاجتماعي للأدوار الجندرية نتيجة ظروف ذلك المجتمع وكيفية تطور اقتصاده المحلي ومعتقداته الدينية والنظم السياسية السائدة فيه.
فدور الدولة والسياسيات الحكومية ذا تأثير هام، حيث يستطيع أن يدفع باتجاه تغيير الأدوار الجندرية التقليدية إلى أدوار جندرية حديثة مبنية على المساواة، كما أن التنشئة الاجتماعية هي العملية التي تنقل من خلالها القيم والمعتقدات والمعايير والعادات والتقاليد من جيل لاخر ويتعلم من خلالها الأطفال السلوك المناسب في الثقافة والوعي. ولهذا ترى اللجنة الوطنية لشؤون المرأة( اللجنة التنسيقية للمنظمات غير الحكومية) أن قضايا المرأة في غاية الأهمية لإدراكها ما تشكله المرأة (كنصف المجتمع)، وأهمية دورها المطلوب في الحياة العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولما لديها من قدرة على التأثير باعتبارها أم أو زوجة أو أخت، وبالتالي بات من الضروري إعطاؤها الفرصة الكافية للمشاركة في السلطات لتدفع عملية التحول الديمقراطي والتطور إلى الأمام من خلال إنصافها لكي تتمكن الحركة النسائية من توحيد صفوفها لخلق تيار نسائي قادر على إيجاد حلول للأزمات التي تعصف بالمجتمع، فكثير من دول العالم اعتمد مثلاً نظام “الكوتا” – الحصص المحجوزة مسبقاً لدعم تمثيل الفئات الأقل حظا للوصول إلى البرلمان، مثل النساء والشباب، كما أنشأت بعض الدول وزارة خاصة بالمرأة من اجل تعزيز مشاركتها ودعم قضاياها.
وانطلاقا من أهمية دور المرأة في الحياة السياسية، وشمولية هذا المفهوم، خاصة بعد عام 1989 وعودة الحياة الديمقراطية والسماح بترخيص الأحزاب واعادة الانتخابات البرلمانية، وما كفله الدستور الأردني للمرأة من حقوق سياسية، ومنحها حق التصويت والترشيح على مستوى الانتخابات البلدية والبرلمانية الذي تم من خلال مرسوم ملكي عام 1974 وحقها في اشغال المناصب العامة والمشاركة في التنظيمات السياسية والنقابية والمهنية، شهد الاردن تحولات ايجابية على محاور دور المراة السياسي، إلا أن سلطة الرجل ما زالت تؤثر على قرار المرأة واختيارها للمرشحين خارج إطار العائلة، رغم إقبالها على عملية التصويت، كما أن المرأة الأردنية دخلت مجلس الأعيان حيث توجد 3 نساء من اصل 120 عضواً، أما في الحكومة فلا يزال حضورها ضعيفا وقد لا يعدو كونه رمزيا في بعض الأحيان.